أكد محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز، أهمية انعقاد مؤتمر القطاع المصرفي الفلسطيني في محيطه العربي، لتسليط الضوء على واقع القطاع المصرفي الفلسطيني، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الفلسطيني من صعوبات جمة في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
وقال في كلمته في افتتاح أعمال المؤتمر، الذي نظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي وسلطة النقد الفلسطينية، إن ما يزيد الصعوبات امام الاقتصاد الفلسطيني أيضا تحديات وظروف عدم الاستقرار السياسي والأمني في عدد من الدول العربية.
وأضاف أن منطقتنا العربية شهدت في الأعوام الماضية حالةً من عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي فاقمت من الوضع القائم في هذا الإقليم “الملتهب أصلا”، وأدت إلى تحولات غير مسبوقة.
وأكد أن هذه الحالة فرضت على الاقتصادات العربية مزيدا من الضغوطات، من أبرزها ضعف القدرة على تحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام وخلق فرص العمل والمساواة في جني ثمار التنمية، فضلا عن ارتفاع معدلات النمو السكاني وارتفاع معدلات البطالة فيها، والتي تتخطى ما نسبته 12 في المائة في الدول العربية باستثناء دول الخليج العربي.
ولفت فريز إلى أن مسيرة الأجهزة المصرفية العربية كانت ناجحة وتستحق الإشادة، على الرغم من التحديات والضغوطات الكبيرة التي شهدتها الساحة الدولية والإقليمية والعربية؛ حيث استطاعت أن تحقق نتائج ايجابية على مختلف الصعد وحافظت على ملاءتها المالية وقوتها ومنعتها ودرجة تنافسيتها على الصعيدين الإقليمي والدولي وقال إن مؤشرات القطاع المصرفي العربي واصلت نموها بمعدلات إيجابية، فضلاً عن زيادة قدرتها على إدارة المخاطر الائتمانية ومواكبة تطورات التكنولوجيا المالية الحديثة ) والتكنولوجيا التنظيمية .
وأكد الدكور فريز أن التقدم التكنولوجي الذي يشهده القطاع المالي والمصرفي كتوظيف تكنولوجيا سلسلة الكتل في العمليات المالية والمصرفية بات يبرز من دور الأجهزة المصرفية العربية في خلق الفرص الكامنة لتعزيز كفاءة وفاعلية البنى التحتية لأسواق المال وأثر ذلك على تعزيز متانة القطاع المالي والمصرفي.
وأضاف ان التطور التكنولوجي المتسارع للحلول المالية يشكل تحديا أمام السلطات النقدية والرقابية للبنوك، اهمها تحديات الأمن السيبراني، ما يبرز الحاجة الملحة لتطوير البنية التحتية للجهاز المالي والمصرفي والنهوض بمنظومة الأمن السيبراني لمختلف أركان الدول ومنها البنوك والمؤسسات المالية التي تعد عصب الاقتصاد الوطني.
وعرض واقع القطاع المصرفي العربي الحالي، مؤكدا أن القطاع يواصل الأداء الإيجابي حيث تشير البيانات إلى تزايد إجمالي الودائع لدى المصارف العربية بشكل مضطرد، مع استمرار التحسن في النشاط الائتماني للمصارف العربية خلال عام 2016، إذ نمت التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل هذه المصارف بما نسبته 2ر6 في المائة إلى 1ر2 تريليون دولار أو ما نسبته 5ر87 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية.
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين فرض تحديات كبيرة، كان لها آثاراً سلبيةً على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منوها إلى أن الأردن حكومةً وشعبا، وبتوجيهات من القيادة الهاشمية، كان له الدور الكبير في دعم القضية الفلسطينية على مختلف الأصعدة والمجالات، ومنها على وجه الخصوص، الجانب الاقتصادي، ما أسهم ويسهم في دعم صمود الأهل في فلسطين.
وأشار إلى دور البنوك الأردنية في تنمية الاقتصاد الفلسطيني، إذ تمارس البنوك الأردنية أنشطتها في فلسطين من خلال خمسة وتسعين فرعا وواحد وعشرين مكتبا تعود لسبعة بنوك أردنية، والتي بلغ إجمالي موجوداتها في نهاية عام 2017 ما يعادل 6ر6 مليار دولار، وبإجمالي ودائع بلغت ما يعادل 1ر5 مليار دولار، وبلغ رصيد التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبلها نحو 2ر3 مليار دولار.
أما بالنسبة لجميع البنوك العاملة في فلسطين، فقد بلغ إجمالي موجودات هذه البنوك في نهاية عام 2017 ما يعادل 8ر15 مليار دولار، وبحجم ودائع بمقدار 12 مليار دولار، وبرصيد تسهيلات ائتمانية بما يعادل 8 مليارات دولار.
وقال رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن، موسى شحادة، إن البيانات المتوفرة حول أداء الاقتصاد الفلسطيني تظهر أن الناتج المحلي الفلسطيني سجل معدلات نمو متباينة خلال السنوات الثلاث الماضية، فبينما كان معدل النمو سالبا بحدود 2ر0 في المائة في عام 2014، تحسنت وتيرة النمو ليصل إلى 4ر3 في المائة في عام 2015، وليرتفع إلى 1ر4 في المائة في عام 2016، إلا أن معدل النمو انخفض خلال النصف الأول من عام 2017 ليصل إلى 9ر0 في المائة.
وعلى صعيد المستوى العام للأسعار، فقد سجلت معدلات التضخم مستويات منخفضة نسبيا بلغت 8ر0 في المائة في المتوسط خلال الفترة 2014-2017.
وفيما يتعلق بالمالية العامة، فقد سجلت الموازنة العامة فائضا خلال السنوات 2014-2017، أما الدين الحكومي فبلغ 5ر2 مليار دولار تقريبا في نهاية عام 2017، منه 41 في المائة دينا خارجيا و 59 بالمئة دينا داخليا، علما بأن نسبة 99 في المائة من الدين الداخلي متأتية من مصادر بنكية.
وفيما يتعلق بأداء سوق رأس المال الفلسطيني، فقد بلغت القيمة السوقية للأسهم المدرجة حوالي 9ر3 مليار دولار في نهاية عام 2017، وبلغ عدد الأسهم المتداولة في بورصة فلسطين حوالي 271 مليون سهم وبقيمة تداول بلغت 469 مليون دولار وذلك خلال عام 2017.
واشار في هذا الصدد، الى ان عدد القوى العاملة في فلسطين بلغ في نهاية عام 2017 حوالي مليون وثلاثمائة وخمس وثلاثين ألف عامل، فيما بلغ معدل البطالة 4ر27 في المائة، والذي يعتبر من أعلى المعدلات مقارنة بالعديد من الدول العربية.
وبلغ حجم الاستثمار المباشر في فلسطين حوالي 6ر2 مليار دولار في نهاية الربع الثالث من عام 2017، فيما بلغ الاستثمار الفلسطيني المباشر في الخارج حوالي 394 مليون دولار، وبالتالي فقد شكل صافي الاستثمار المباشر في فلسطين حوالي 2ر2 مليار دولار.
وبلغ عدد البنوك العاملة في فلسطين 15 بنكا نهاية عام 2017، منها 7 بنوك فلسطينية، و8 بنوك غير فلسطينية من ضمنها 7 بنوك أردنية هي البنك العربي، وبنك القاهرة عمان، وبنك الأردن، وبنك الاسكان للتجارة والتمويل، والبنك الاهلي الأردني، والبنك التجاري الأردني، والبنك الأردني الكويتي، فيما بلغ عدد الفروع والمكاتب للبنوك العاملة في فلسطين 337 فرعا ومكتبا، فيما بلغ عدد أجهزة الصراف الآلي 292 جهازا.
وأشار شحادة إلى أن أهم التحديات التي تعترض البنوك في فلسطين تتعلق بالعلاقة مع المصارف الاسرائيلية المراسلة والمحددة بموجب اتفاق باريس الاقتصادي، حيث تقوم المصارف الاسرائيلية لأسباب سياسية بالتهديد بتعليق أو قطع العلاقة مع المصارف الفلسطينية، ورفض قبول الفائض النقدي المتراكم بعملة الشيكل لدى المصارف الفلسطينية، ما قد يؤثر على الاستقرار المالي والمصرفي ويزيد من مخاطر السيولة لدى المصارف العاملة في فلسطين.
وقال محافظ سلطة النقد الفلسطينية، عزام الشوا، إن إنشاء البنوك الأردنية في فلسطين دليل على الاهتمام الأردني في تنمية الاقتصاد الفلسطيني، وتمكين القطاع المصرفي من القيام بدوره في ضمان سلامة وتعزيز اداء الاقتصاد.
وأكد أنه رغم المعاناة التي يعانيها الاقتصاد الفلسطيني، إلا أن الجهود التي تبذلها البنوك والتعاون مع باقي المؤسسات مكن من احراز تقدم ومواصلة النمو.
وبين أن التسهيلات التي تقدمها البنوك العاملة في فلسطين نمت بنسبة 8ر16 بالمئة في عام 2017 إلى 8 مليارات دولار، أستحوذ القطاع الخاص على 6ر6 مليار دولار منها، ونمت الودائع بنسبة 9ر12 بالمئة إلى 12 مليار دولار.
وقال إن نسبة الديون غير العاملة بلغت 3ر2 بالمئة، فيما بلغت نسبة تغطية الودائع للتسهيلات 67 بالمئة، ونسبة كفاية راس المال 18 بالمئة، وذلك بسبب تدعيم القواعد المالية للبنوك.
وأضاف أن موجودات البنوك في فلسطين نمت بنسبة 6ر11 بالمئة إلى 5ر15 مليار دولار وذلك رغم حجم التحديات التي تواجه القطاع المصرفي الفلسطيني والذي يلعب دورا مهما في تحقيق التنمية، مؤكدا أن سلطة النقد تعمل باستمرار على تحسين المناخ المصرفي وتطوير آلياته التنظيمية.
وعرض رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى إن الدول العربية بحاجة إلى نموذج جديد من التنمية الاقتصادية قائم على العدالة والحوكمة وتمكين الشباب، لافتا إلى ان القطاع المصرفي العربي يعد من افضل القطاعات اسهاما في عملية التنمية “لكن المطلوب المزيد من الجهود لتحقيق مستوى أعلى من النمو”.
وأشار إلى المصاعب التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني وتحد من تنافسيته وأهمية توفير فرص العمل وتحسين الظروف المعيشية والتي تعد جميعها أدوات لتعزيز صمود الأهل في فلسطين واستعادة حقوقهم المسلوبة.
وأكد رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، الشيخ محمد جراح الصباح، أهمية انعقاد المؤتمر لتوفير الدعم والمساندة للقطاع المصرفي والاقتصاد الفلسطيني وتمكينه من مواجهة التحديات التي تواجهه.
وشدد أمين عام الاتحاد، وسام فتوح مندوبا عن الشيخ الصباح، على أهمية حشد الدعم للقطاع المصرفي الفلسطيني وتبادل الخبرات التي من شأنها تعزيز قدرته على المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع الفلسطيني.
وقال الدكتور مصطفى إن تحفيز الاستثمار الخاص هو مفتاح تحقيق النمو وتوفير فرص العمل وتعزيز الصمود، وهذا يتطلب تعاون الجهات المانحة مع القطاع الخاص وأيضا يتطلب قطاع مصرفي قوي.
وبين أن الصندوق اطلق استراتيجية ركائزها الاستثمار من أجل التنمية، والاستثمار من أجل تحقيق العائد، بالتوازي مع إطلاق برنامج استثماري بحجم 4ر2 مليار دولار لإعادة بناء القطاعات الانتاجية بالتعاون مع الشركاء بمن فيهم البنوك.
وقال إن الاستراتيجية تستهدف من المشروعات التي ستنفذها قطاعات الكهرباء والطاقة والمياه وتعزيز الصناعة وخصوصا الإنشائية، وتعزيز الانتاج الزراعي، وبالتالي تخفيف العجز في الميزان التجاري مع إسرائيل.
وأكد رئيس جمعية البنوك في فلسطين، جوزيف نسناس، أن الجهود المبذولة مكنت من بناء قطاع مصرفي متماسك في فلسطين، وارتفعت مؤشرات القطاع إلى مستويات مريحة ضمن نمو متصاعد، مع تقديم خدمات مصرفية متطورة، لدرجة بات معها القطاع المصرفي من أهم روافع الاقتصاد الفلسطيني.
ويناقش المشاركون في المؤتمر على مدى يومين، واقع القطاع المصرفي الفلسطيني في محيطه العربي، وأنظمة المدفوعات الإلكترونية وأثرها في تعزيز دور القطاع المالي والمصرفي، وضمان الودائع كداعم للأمان المالي، والاجراءات الرقابية الاحترازية والممارسات السليمة لمكافحة غسيل الأموال، ومتطلبات تطبيق توصيات بازل 3، والصيرفة الإسلامية في ظل تطور عمل القطاع المصرفي العربي. (بترا)
26-آذار-2018 00:00 ص